في عام 2017 – 2018 – 2019 قابلت العديد من الأطفال في مختلف المناطق
منهم من كان وحيداً ومنهم من كان طبيعياً ومنهم من كان يتيماً ومنهم من كان رضيعاً ومنهم من كان والداً لإخوته، وأماً لإخوتها، ومسؤولاً عن عائلته..
اختلفت أحوالهم وأوضاعهم ولكنهم بقوا على ما هم عليه.. أطفال
اختلفت ألوانهم وأشكالهم وأجناسهم وأسماؤهم وبقوا جميعهم أطفال
اختلفت بيئتهم ومنزلهم ولهجتهم وعاداتهم وبقوا أطفال
اختلفت عيونهم وألوانها ورسماتها وما زالوا أطفال!
تجبرهم الحياة دوماً على أن يختلفوا عما هم عليه، عن طفولتهم وبُنيانهم، تجبرهم ليصبحوا أكبر بكثير من كرة القدم ودمية العروس
تجبرهم ليصبح مرمى هدفهم تحت سيارة يقومون بتصليحها، أو بين الطرقات يجولون الناس طالبين منهم ثمن طعامهم
أو بين أنقاض غرفتهم وألعابهم الملطخة بدمائهم!
لا شيء يؤلم العقل والقلب أكثر من أن تراهم في غير مكانهم، ألّا تراهم في المدرسة على مقاعدهم يأخذون حقّهم في التعليم!
ألّا تراهم في بيوتهم آمنين من ويلات الحرب التي لا يعلمون ماذا تعني!
ألّا تراهم في حديقة الملاهي يضحكون ويلعبون مع الأطفال الآخرين..
من حق الطفل أن يمارس طبيعته الطفولية، في اللعب والتعليم وتكوين صداقات..
من حقه أن يكون له هوية، كيان، جنسية، انتماء!
من حقه أن يعلم كيانه وأين أرضه، أن يأخذ العادات التي تناسبه منها وأن تصبح هويته وأن تحميه من كل أذى..
من حقه أن يُحترم! أن يُؤخذ برأيه وأن يعبّر عنه كما يريد
أن يختار ماذا يلبس مثلاً، أو ماذا يأكل، إلى أين يريد الذهاب، ماذا يلعب، ماذا يحب وماذا يكره..
أن يقول نعم، وأن يقول لا
أن يكون محمياً من كل أنواع الظلم والاستغلال والعنف.
حسناً.. لماذا العيون؟
لأن عيون الأطفال لا تكذب.. لا تكذب أبداً وبريقها يبقى حين يخونه كل شيء
عيون الطفل هي فمه حين يعجز عن التعبير، حين يتألم وحين يجوع وحين يخاف وحين يفرح وحين يحزن
وكيف لنا أن نجعل عيونهم تحزن؟
كيف نسمح لأنفسنا أن نجعل أحدهم يشعر بالعنف أو الخوف؟ أن نعنّفهم وأن نقتل طفولتهم؟
قبل 30 عاماً من الآن، تم وضع اتفاقية حقوق الطفل لكل أطفال العالم.. لجميعهم بلا استثناء، على أمل أن تتحقق وأن يتم تطبيقها لكل أطفال العالم، وحمايتهم من جميع أنواع الظلم والاستغلال والرعب، وحمايتهم من جميع الأضرار التي قد تطالهم نتيجة أفعال الكبار.
أين حقوقهم يا ترى؟ وأين ما يريدون؟ أين طفولتهم؟
حقوقهم ضائعة بين القتل والتشرّد، بين التنمّر والتعنيف، بين الغضب والتسلّط، بين الشارع والاستغلال.
انظروا لعيون الأطفال، راقبوا بريقها، دعونا نبحث بها عن أجوبة لأنفسنا، اسمعوا صيحاتها التي لا يستطيعون التعبير عنها.